الخميس، 24 مارس 2016

علم النحو العربي : تابع ( أبو الأسود الدؤلي )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البصرة تضع النحو:


- رأينا البصرة تضع على يد أبي الأسود الدؤلي نقط الإعراب ، وقد مضى الناس يأخذونه عن تلاميذه . ولعلنا لا نبعد إذا قلنا إن ذلك كان باعثًا لهم ولمعاصريهم على التساؤل عن أسباب هذا الإعراب وتفسير ظواهره مما هيأ لبعض أنظار نحويه بسيطة . وكان طبيعيًا بعد أن رسموا نقط الإعجام أن يضعوا له هذا الاسم وأن يضعوا لنقط أبي الأسود اسم نقط الإعراب تمييزًا لهما بعضهما عن بعض ، كما كان طبيعيًا أيضًا أن يطلقوا على علامات النقط الخاصة بالإعراب أسماء تفرق بينها ، وقد اشتقوها من كلماته لكاتبه ( فتحت شفتي وضممتها وكسرتهما )فسموه على التوالي نقط الفتحة ونقط الضمة ونقط الكسرة. ولابد أنهم لاحظوا اختلافًا في إعراب الأسماء حسب مواضعها من الكلام ،فهي إذا ابتدأ بها المتكلم في العبارة لزمها الرفع إلا إذا تقدمتها إن وأخواتها ، وإذا تلت فعلًا كانت إما مرفوعة وإما منصوبة . ولا يبعد أن يكونوا قد وضعوا لذلك (مصطلحات المبتدأ والفاعل والمفعول ) ولا يبعد أيضًا أن يكونوا لاحظوا اختلافًا في كلمات اللغة وأن منها ما يقبل الحركات الثلاث : الضمة والكسرة والفتحة، وهو الأسماء المعربة ، وأن منها ما يلزم حركة واحدة وقد يلزم السكون ، وسموا الأولى معربة والثانية مبنية . كل ذلك من الممكن وقوعه ، ولكن ليس بين أيدينا ما يثبته إثباتًا قاطعًا سوى ما تمدنا به طبائع الأشياء ، فالأصل في كل علم أن تبدأ فيه نظرات متناثرة هنا وهناك ، ثم يتاح له من يصوغ هذه النظرات صياغة علمية تقوم على اتخاذ القواعد وما يطوى فيها من أقيسة وعلل . وأول نحوى بصري حقيقي نجد عنده طلائع ذلك هو ابن أبى إسحق الحضرمي المتوفى سنة 117 للهجرة ، وهو ليس من تلاميذ أبى الأسود الدؤلي ، ولكنه من القراء ، ومن الملاحظ أن جميع نحاة البصرة الذين خلفوه يسلكون في القراء ، فتلميذاه عيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء وتلميذا عيسى: الخليل بن أحمد ويونس حبيب كل هؤلاء من القراء ويكثر سيبويه في كتابه من التعرض للقراءات ، وكأن ما كان بينها من خلافات في الإعراب هو الذي أضرم الرغبة في نفوس قراء البصرة كي يضعوا النحو وقواعده وأصوله ، حتى يتبين القارئ مواقع الكلم في آي الذكر الحكيم من الإعراب المضبوط الدقيق.

ومعروف أنه لكي يصاغ علم صياغة دقيقة لابد له من اطراد قواعده وأن تقوم على الاستقراء الدقيق  ، وأن يكفل لها التعليل وأن تصبح كل قاعدة أصلًا مضبوطًا تقاس عليه الجزئيات قياسًا دقيقًا  . وكل ذلك نهض به أبي إسحق وتلاميذه  البصريون .
-   المصادر : أفدت في كتابة هذا المقال من كتاب المدارس النحوية للعالم الدكتور شوقي ضيف .

أرجو أن يكون المقال قد نال إعجابكم وأن ينفعنا الله به جميعًا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق